- استنفار أمنى جزائرى تونسى على الحدود الليبية خوفا من تسلل مقاتلى تنظيم الدولة
- بنغازى تبدأ فى مواجهة أمراض الحرب وتعانى نقص الدعم الطبى
- داعش ينقل مركز القيادة من سرت إلى طرابلس
- استمرار تأجيل التصويت على حكومة الوفاق داخل مجلس النواب
- إخوان ليبيا أصيبوا بهستيريا بعد تحرير بنغازى
فاجأ الجيش الليبى العالم بعملية «دم الشهيد» العسكرية لتحرير الشرق الليبى بالكامل من سيطرة تنظيم الدولة داعش وجماعة أنصار الشريعة التابعة لتنظيم القاعدة وتحرير كامل مدينة بنغازى ثانى أكبر المدن الليبية وعاصمة الشرق، وكان الجيش الليبى بقيادة الفريق ركن خليفة حفتر قد بدأ فى التصدى للجماعات الإرهابية بعملية الكرامة واستمرت المعارك على مدار أكثر من عام، لم يستطع الجيش حسم المعركة بشكل نهائى برغم سيطرته على أكثر من 70% من أحياء المدينة بسبب تعنت المجتمع الدولى بحظر استيراد السلاح ونقص الذخيرة، بحجة الضغط للوصول لاتفاق سياسى وتشكيل حكومة وفاق وطنى.
مع ظهور الاتفاق السياسى الذى تم بمدينة الصخيرات المغربية برعاية الأمم المتحدة والإعلان عن هيئة المجلس الرئاسى، ظهر واضحا الاختلافات السياسية والجهوية وعدم التجانس بين أعضائه من جهة، وبينه وبين أعضاء مجلس النواب الليبى، وأصبح الوضع أكثر تشابكا خصوصا بعد رفض تشكيلة الحكومة المقترحة من قبل المجلس الرئاسى وإعطائه مهلة لتقديم حكومة جديدة أقل عددا، والتى لم يستطع المجلس الرئاسى أن يخرج بها بإجماع أعضائه بعد انسحاب كل من العضوين "على القطرانى" نائب رئيس المجلس الرئاسى عن إقليم برقة، و"عمر الأسود" وزير الدولة عن مدينة الزنتان، وعدم اعترافهما بالتشكيل المقترح، ورغم الضغوط الدولية بقيادة مارتن كوبلر المبعوث الأممى إلى ليبيا وكل الدول الغربية، لتمرير حكومة الوفاق التى باءت جميعها بالفشل حتى الآن، حيث تم التأجيل على التصويت على الحكومة من قبل أعضاء البرلمان الليبى جلسة تلو أخرى، ليتضح جليًا أن الخلاف الحقيقى داخل المجلس الرئاسى كان على تسمية الفريق ركن خليفة حفتر قائدا عاما للجيش الليبى والذى انعكس ظله أيضا فى الكتلة الأكبر من أعضاء مجلس النواب الليبى، خصوصا نواب المنطقة الشرقية على المراوغة وعدم تمرير حكومة فايز السراج.
ومع تزايد القلق الغربى من تمدد داعش على الساحل الليبى ومعلومات استخباراتية لدى الغرب تؤكد نية التنظيم فى إرسال مقاتليه عبر مراكب الهجرة غير الشرعية إلى الشواطئ الأوروبية، قررت الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون مع إيطاليا وبريطانيا بتوجيه عدد من الضربات الجوية المركزة لمقاتلى التنظيم دون انتظار إعلان حكومة الوفاق وكانت أولاها الضربات الأمريكية على معسكر تدريب بمدينة صبراتة استهدف 63 داعشيا أغلبهم من تونس أسفر عن مقتل 42 من عناصر التنظيم وصرحت القيادات العسكرية الأمريكية بأن هذه الضربات لن تتوقف وأن القوات الأمريكية ستستمر فى استهداف عناصر داعش داخل ليبيا.
هذا وقد أفاد شهود عيان خلال الأسبوع الماضى وجود تمركز لخمس بوارج أمريكية على مقربة من شواطئ العاصمة طرابلس فى الغرب الليبى، مما يؤكد أن المعلومات والتحليلات الغربية تتجه إلى سيناريو فشل الخروج بحكومة وفاق فى القريب العاجل.
وفى ظل هذا المشهد الغامض لبدء محاربة الغرب لداعش فى ليبيا أبدت دول الجوار (مصر والجزائر وتونس) قلقها الشديد من التدخل الغربى المباشر، حيث لم يتضح فى أى اتجاه ستنسحب هذه العناصر الإرهابية شرقا إلى الحدود المصرية أم غربا لحدود الجزائر وتونس، ليفاجأ الجميع بإعلان القيادة العامة للجيش الليبى ببدء عملية عسكرية موسعة للقضاء على داعش فى الشرق الليبى، خصوصا تحرير باقى أحياء مدينة بنغازى فى عملية "دم الشهيد" برغم شح الذخائر ونقص المعدات العسكرية بسبب الحظر المفروض دوليا على تسليح الجيش.
العملية العسكرية للجيش الليبى كانت دقيقة جدا وبخطة عسكرية محكمة وتم تطويق مقاتلى الجماعات الإرهابية وقطع طرق الإمداد عن طريق الالتفاف والسيطرة على مدينة أجدابيا غرب مدينة بنغازى، والتى كان بها بعض الميليشيات التى تتعاون مع الجماعات الإرهابية وتمدهم بالسلاح والرجال من مدينة سرت مركز تنظيم داعش داخل ليبيا فى منتصف الساحل الليبى.
ثم تمت السيطرة على ميناء المريسة داخل مدينة بنغازى والتى كان يستخدمها عناصر داعش للإمدادات التى تأتى عن طريق مراكب صغيرة من مدينة مصراتة غرب البلاد، وفى خلال الأسبوعين الماضيين تم تحرير جميع أحياء المدينة بالكامل.
كما أعلنت القوات العربية الليبية المسلحة عثورها على كمية ضخمة من الصواريخ الحرارية (صاروخ (C5 فى مقر كتيبة "راف الله السحاتى" أثناء اقتحامها خلال الأسبوع الماضى، كما أنها غنمت كميات كبيرة من الذخائر والأسلحة المتطورة التى طالما طالبت بها من الدول الغربية لسد فجوة التسليح خلال العام الماضى.
وأعلنت القيادة العامة للجيش أن كميات الأسلحة التى تم العثور عليها بمخازن سرية تكفى لسد حاجة الجيش لتحرير كامل ليبيا.
وبدأ سلاح المهندسين فى تفكيك العبوات الناسفة من الألغام التى زرعها مقاتلو داعش داخل المنازل، لتعلن الدولة الليبية رسميا تحرير مدينة بنغازى بالكامل.
وكلف القائد العام للقوات المسلحة الليبية الفريق ركن خليفة حفتر فى قرار رسمى آمر المنطقة العسكرية بنغازى بتشكيل لجنة برئاسته بغرض إحكام السيطرة الأمنية على مداخل المدينة.
كما أبلغ حفتر آمر المنطقة العسكرية بأن اللجنة ستكون بعضوية مدير الأمن، ورئيس فرع الشرطة العسكرية، ورئيس فرع الاستخبارات العسكرية، ومدير فرع جهاز المخابرات العامة، ومدير فرع الأمن الداخلى للمدينة، لتبدأ مدينة بنغازى الباسلة فى مواجهة تحد آخر بعد التحرير وهو انتشار أمراض الحروب بسبب انتشار الجثث وبرك المياه الراكدة بالأحياء المحررة التى هجرها سكانها منذ أكثر من عام، حيث سيطرت عليها عناصر تنظيم داعش خلال تلك الفترة.
كما تفتقر المدينة للدعم الطبى وشح فى الدواء والمستلزمات الطبية والأدوية، بجانب لهفة العائلات النازحة للرجوع لمنازلهم التى هدم أغلبها، ويبحث مجلس محلى المدينة خطة لكيفية إعادة الإعمار مع الحكومة المؤقتة (حكومة عبدالله الثنى) فى ظل قلة الموارد واستمرار تجميد الأموال الليبية بالخارج والتى تقدر بـ 250 مليار دولار.
وبالانتصار الذى حققه الجيش الليبى داخل مدينة بنغازى وتأمين حدودها الغربية بالسيطرة وتحرير مدينة أجدابيا، بدأ الفريق حفتر فى إعطاء أوامره لبدء معركة تحرير مدينة درنة الواقعة بين مدينتى طبرق شرقا والبيضاء غربا من وجود العناصر الإرهابية لداعش على أطرافها بعد أن تكبدوا خلال الأشهر الماضية خسائر عسكرية، وفقدان السيطرة على مدينة درنة خلال المواجهات بين داعش وشباب درنة الذى تحالف بشكل مؤقت مع "مجلس ثوار درنة" التابع لأنصار الشريعة لإخراج مقاتلى داعش من أحياء درنة.
خلال الأسبوع الماضى وبعد أن اطمأن على تحرير كامل أحياء بنغازى، اجتمع الفريق حفتر مع معاون العقيد كمال الجبالى قائد عمليات مدينة درنة لبحث ترتيبات بدء الهجوم والسيطرة على المدينة بالكامل.
وأوضح الناطق باسم مجموعة عمليات "عمر المختار" لتحرير درنة عبد الكريم صبرا أن الفريق حفتر بحث مع الجبالى سبل تحرير مدينة درنة من الجماعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم "داعش"، ليبدأ سلاح الجو الليبى باستهداف وقتل عدد من عناصر تنظيم الدولة الإرهابى يوم الأحد الماضى بمقرات التنظيم فى منطقة الفتايح درنة، وتم تدمير مدفع "23" مثبت فى أحد مقرات داعش يسمى "الصومعة".
كما صرح سلاح الجو الليبى استهداف عدد من الآليات، مما أدى إلى إعطابها وإلحاق الأضرار بها، وأوقع خلال الأسبوع الماضى خسائر كبيرة فى الأرواح والآليات العسكرية فى صفوف تنظيم الدولة المتمركز فى ضواحى مدينة درنة خصوصا فى الحى "400".
ومن المرجح أن يعلن الجيش الليبى سيطرته على كامل مدينة درنة خلال الأسبوع الحالى ليكون قد سيطر على إقليم "برقة" بالكامل والقضاء على أى وجود لتنظيم داعش ليغير بذلك موازين القوى السياسية محليا ودوليا.
وفى الأيام المقبلة ستتغير خريطة وجود داعش داخل الدولة الليبية، حيث كانت تعتمد على تمركز مقاتليها بعدد من المدن شرقا وغربا وتتمركز قيادتها بمدينة سرت فى الوسط الليبى الساحلى، فإن انتصارات الجيش الليبى والقضاء على نفوذ داعش فى الشرق الليبى سيجعل التنظيم يتنازل عن مهاجمة "منطقة الهلال النفطى" بين مدينتى سرت وبنغازى، من جانب، ومحاولة نقل عناصره من داخل مدينة سرت التى باتت قريبة من مرمى نيران الجيش الليبى من جهة بعد سيطرته على مدينة أجدابيا وبين الضربات الجوية الغربية لينتقل مقاتلوه إلى الاختباء بالعاصمة الليبية طرابلس التى تشهد تدفقًا لأعداد كبيرة من مقاتلى داعش للاحتماء بالكثافة السكانية من الضربات الغربية والابتعاد عن مواجهة الجيش الليبى شرق البلاد، والاحتماء وراء قوات درع الوسطى التابعة لمدينة مصراتة التى لن تتورط فى الهجوم على عناصر التنظيم بإرسال قواتها إلى العاصمة طرابلس خوفا من تقدم الجيش الليبى بقيادة حفتر لدخول مدينة مصراتة.
أعضاء الإخوان المسلمين فى مصراتة بدأوا فى تحفيز المواطنين ضد الجيش الليبى تحت مزاعم أن الفريق حفتر ينوى نقل معركته مع الإرهاب لمعركة ضد مدينة مصراتة، وامتلأت ميادين مصراتة بهؤلاء يخطبون فى المواطنين، وظهر فى إحدى القنوات الليبية مقطع فيديو لأحد قادة حزب العدالة والبناء التابع لجماعة الإخوان المسلمين يهتف فى عدد من الجموع "النفير النفير، الجهاد الجهاد، لو انكسرت جبهة بنغازى، بكرة حفتر فى مصراتة".
القلق الشديد ظهر لدول الجوار الغربية (الجزائر وتونس) من تمركز مقاتلى داعش بالعاصمة طرابلس والتى تبعد 180 كيلومترا عن الحدود التونسية، وخرج تصريح من الحكومة التونسية يرفض أى عمل عسكرى غربى ضد داعش فى ليبيا قد يؤدى لهروب عناصره إلى الأراضى التونسية.
وفى الجزائر بدأ استنفار أمنى للجيش الجزائرى بدرجات عالية على الحدود المشتركة الجزائرية الليبية خوفا من لجوء مقاتلى داعش للاحتماء بجبال الجزائر مع بدء الضربات الغربية.
ويرى المحللون المحليون أن الأسابيع المقبلة قد تشهد مواجهات ومعارك شرسة بين التنظيم وشباب مناطق العاصمة طرابلس فى محاولة قادمة للتنظيم للسيطرة على طرابلس وإسقاطها فى قبضته وإعلانها أول عاصمة عربية تتحول لإماره لتنظيم الدولة فى محاولة لتعويض بعض من نفوذه المفقود بالشرق الليبى.
مؤسسات الإغاثة الدولية بدأت فى تحركات بإرسال طواقم من الموظفين إلى الحدود الجزائرية والتونسية ونصب الخيام وإرسال المساعدات الإنسانية بكميات كبيرة تحسبًا لعملية نزوح جماعى لسكان المنطقة الغربية، خصوصا العاصمة طرابلس مع بدء المعارك الغربية ضد مقاتلى التنظيم ليتأكد أن داعش تحاول اتخاذ طرابلس مركزا للقيادة بديلا عن سرت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليق على مقال بالصحيفة