شريط اخبار

حديد الصحيفة

الثلاثاء، 8 مارس 2016

المرأة الفلسطينية في اليوم العالمي للمرأة بقلم/ د. عاطف محمد شعث


نتيجة بحث الصور عن المرأة الفلسطينية في اليوم العالمي للمرأة

إن الثامن من شهر آذار من كل عام هو اليوم العالمي للمرأة؛ فيه يُحتفل عالمياً بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمرأة، حيث شكل هذ اليوم نقطة تحول في تاريخ النضال التحرري متميزاً بأهمية خاصة لدى كافة المناضلين وأحرار العالم، وقد جاء هذا التاريخ كعيد عالمي للمرأة تبنته منظمة الأمم المتحدة سنة 1977 عندما أصدرت المنظمة الدولية قراراً يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للإحتفال بالمرأة، فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من أذار, وتحول بالتالي ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء عبر العالم في مظاهرات للمطالبة بحقوقهن ومطالبهن، وللتعبير عنالدور الذي قطعته المرأة على طريق استنهاض ههممها وامكانياتها وتنميتها والظفر بما كانت تطمح إليه من مكانة وشراكة اجتماعية وسياسية واقتصادية ومهنية وعلمية وتحسين ظروف حياتية وأسرية.

إن المرأة في المجتمع الفلسطيني هي نواة الأسرة وحجر الأساس وأهم فرد في الأسرة الفلسطينية، فهي تملك من القدرات والدوافع ما يكفي للمضي قدماً في القيام بمسؤولياتها في مختلف المجالات. إلى جانب كون المرأة الفلسطينية شريكة العمل في الحقل والمدرسة والمصنع والمستشفى والمؤسسات الأخرى، فهى كما وصفها الشهيد القائد أبو عمار "حارسة البندقية الفلسطينية"؛ بكل رمزيتها هي الحامي الأمين على الوطنية الفلسطينية. إن المرأة الفلسطينية شكلت مدرسة نضالية وثورية ومصنعاً مبدعاً للثورة وجامعة النضال الوطني والاجتماعي ومحفزة النجاحات العلمية والإنجازات الأكاديمية، فشكلت بتلك الأدوار الشراكة الأبدية في الحياةالصعبة الطاحنة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وكانت عصية على الكسر أمام تحديات الإحتلال والإنقسام والتشرذم، حتى أصبحت الهدف المباشر لإستهداف احقاد وعنصرية وإرهاب العدو الصهيوني.
لقد حققت المرأة الفلسطينية نجاحات رائعة على كافة الأصعدة مهنياً وقيادياً وسياسياً واقتصادياً في كافة مناحي الحياة وفي جميع مجالات التنمية البشرية؛ هذه الإنجازات التي حققتها والأدوار التي قامت بها أنجزتها المرأة الفلسطينية بجدارة وإقتدار حيث يشار لها بالبنان على الصعد المحلية والعربية والعالمية،ولعل من الواضح سرعتها في تنمية وتطوير ذاتها وتعايشها مع شتى الظروف المحيطة. إن المرأة الفلسطينية قفزت عن معركة التحرر الاجتماعي لتلحق وتلتحم بالمعركة الجوهرية والأساسية معركة التحرر الوطني وترسيخ الهوية الوطنية وتجسيد الكيانية الفلسطينية وتبيان أصالتها، مما مكنها من تحقيق ذاتها وتثبيت شخصيتها متملكة زمام أمورها، وفي الوقت ذاته واجهت بكل شجاعة تنكيل واستبداد واضطهاد وبطش العدو المحتل.
فالمرأة الفلسطينية لم تستكن ولم تقم بثورة تمرد إجتماعية، بل شاركت بإقبال وإقتدار في العمل النضالي والثوري والاجتماعي وفي التنمية الشاملة ووحققت قفزات حضارية علمية جسدت تجربة فريدة عريقة وعميقة وشاملة للكثير من التضحيات ولعشرات من الخدمات في القطاعات الاجتماعية المختلفة وتبؤها المواقع المهنية والقيادية، ولعل العمل التطوعي النسوي في المجتمع الفلسطيني لهو مرآة مشرقة تعكس ثورية المرأة الفلسطينية التي كان لها شرف التطور جنبا إلى جنب الرجل بكل تحدٍ وإصرار نحو الحرية والاستقلال وترسيخ أسس من الديمقراطية والعمل المؤسسي الصحيح والتغلب على مصاعب الحياة، ومشاركتها في صياغة الفكر الثوري الفلسطيني المعاصر؛ فكانت طبيبة ومعلمة ومهندسة وفدائية ومقاتلة وشاعرة وأديبة وفنانة.
لقد قدمت المرأة الفلسطينية نموذج مشرف للمرأة العربية في ثباتها على أرضها وتمسكها بحقها ودفاعها عن وطنها وشعبها وتكيُّفها مع المتغيرات المتسارعة وتحمل أعباء الإحتلال والمنافي والتهجير وحفاظها على مكونات النسيج الاجتماعي، ولم تكتف كونها أم الشهيد وأم الأسير وأم الجريح وأم المنفي والمبعد، بل امتشقت البندقية منذ اليوم الأول للثورة الفلسطينية المعاصرة، وكانت هي الشهيدة والأسيرة والجريحة والمبعدة، فنالت شرف الأخت المناضلة المضحية والرفيقة الثائرة والأم المعطاءة الصابرة،  ورسمت اللوحة الأجمل في الإنخراط المباشر في الصراع العربي الإسرائيلي مجسدة أعلى درجة في التضحية وبناء القيم والأصالة وتعزيز الوطنية الفلسطينية.
ولعله من الواجب في هذه المناسبة العالمية أن نحيي المرأة العربية التي وقفت جنبا الي جنب في صنع الثورات والتغيير الحادث على الساحات العربية، كما أنه من العظمة أن ننحني اجلالاً واحتراماً للمرأة الفلسطينية بوجهٍ خاص التي خاضت منذ عشرات السنين غمار العمل الوطني وغمار مقاومة الفقر والعوز والجهل وتحمل الاضطهاد وخرجت منتصرة مظفرة، وضحت وقدمت بلا تردد ولا توقف، فكانت رمزاً للعطاء الوطني المتواصل الذي لا ينضب.
وفي هذه المناسبة وهذا المقام فإنه من الضروري أن تنشط المؤسسات النسوية الوطنية والنقابية محلياً ودولياً بفضح ممارسات الإحتلال من قتل وتدمير وبطش واضطهاد وتعذيب وتشريد وهدم وحصار ومحاولات كسر المعنويات بوجهٍ عام، وفضح قوات الإحتلال مما تقترفه من اعدامات ميدانية بحق الماجدات الفلسطينيات، وعلى المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان التدخل الفوري لوقف تلك الجرائم الإرهابية العنصرية التي يقوم بها العدو الإسرائيلي محاسبة هذا الكيان العنصري المجرم، كما أنه من الواجب على مؤسسات دولة فلسطين على المستوى الدولي بملاحقة كيان مرتكبي تلك الجرائم في المحاكم والمؤسسات القضائية والحقوقية الدولية.
كما أنه من الواجب الوطني على القوى الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني بتعزيز مكانة المرأة وتمكينها فكرياً كي تستكمل رحلتها الوطنية والحضارية: الإتسانية والاجتماعية والعلمية والإقتصادية والمهنية، بعيداً عن عما تقوم به بعض الجهات المشبوهة بإستغلال حاجات المعيشية الملحة الطارئة نتيجة الحصار والفقر والجهل وعدم توافر فرص العمل وقلة الوعي السياسي، بالتالي استغلال ولائهن التنظيمي والحزبي، ومحاولة إخراجهن من عنفوان ثورتهم الوطنية الشاملة، مما قد يحرف الفطرة الوطنية لديهن ويساهم في تفشي الأمراض الاجتماعية في داخل وطن ضحى من أجله مئات ألاف الشهداء والأسرى والجرحي والمبعدين والمهجرين، وعلى الطليعة النسوية المثقفة تحمّل مسؤولية المبادرة في مواجهة أزمة التجهيل والتبعية والاستغلال، وتبني مطالب المرأة واحتياجاتهن والدفاع عن حقوقهن وزيادة وعيهن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليق على مقال بالصحيفة