نفى المثلية : كما يقوم هذا المذهب على رفض المثلية ، التي تعنى ان تكون المراْه مثل الرجل فى التكوين والإمكانيات و المقدرات الذاتية، وهو ما نفاه القران ( و ليس الذكر كالأنثى)، حيث ان التفاوت فى المقدرات الذاتية سنه إلهيه تشمل الناس كلهم ، وهو جزء من مفهوم ألدرجيه الذي يقرر تفاوت الناس فى المقدرات والإمكانيات الذاتية دون أن يلغى ذلك المساواة بينهم.
واستنادا إلى المفهوم الاسلامى للمساواة نتناول بعض الأحكام الشرعية التي يتخذها كل من تيارى التقليد والتغريب – رغم تناقضهما – كادله على نفى المساواة بين المراْه والرجل فى الإسلام :
القوامة: من هذه الأحكام قوامه الرجال على النساء لقوله تعالى( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) (النساء:34). وهذا الحكم يستند إلى أن الإسلام يرى أن من السنن الالهيه التي تضبط حركه اى مجتمع ، انه لا وجود لاى جماعه إنسانيه بدون سلطه تنظم حركتها ، وقد اسند الإسلام السلطة في الاسره كجماعه إنسانيه للرجل(الرجال قوامون على النساء) استنادا إلى إمكانيات ومقدرات ذاتيه تتوافر في الرجل( بما فضل الله بعضهم على بعض) واستنادا إلى التكليف بالإنفاق ( وبما أنفقوا ). غير أن إسناد السلطة لشخص معين ، لا يعنى بالضرورة أنها سلطه استبداديه، قائمه على الانفراد بالراى او العلم او العمل لحل المشكلات المشتركة ، فقد تكون سلطه قائمه على الشورى اى تبادل الراى والعلم والعمل لحل هذه المشكلات وهى القوامة ألمقصوده ، بدليل سياقات أخرى ورد فيها لفظ قوامه كما في قوله تعالى(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين) حيث قرنت الايه القوامة بالعدل. وهنا نشير إلى أن الإمام ابن حزم فسر القوامه الواردة فى الايه بأنها ( قوامة لا علاقة لها بالحقوق والطبيعة الإنسانية، أو القدرة على تصريف الأمور، ولو كانت قوامته "أي الرجل" بهذا المعنى للزم أن يكون كل رجل أفضل من كل امرأة، وهذا لا يستقيم في لغة العقل)(المحلى، دار الآفاق الجديدة، ج، 9ص490.).
طاعة الزوج مقيده وليست مطلقه : وهنا نشير إلى أن النصوص أوجبت طاعة المراه لزوجها، لكن هذه الطاعة مقيده بالشريعة وأوامرها ونواهيها، وليست مطلقه لقول الرسول (صلى اله عليه وسلم )(لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، فالطاعة المطلقة لا تكون في الإسلام إلا لله تعالى وحده،ولا تكون لسواه (سواء كان أب أو زوج أو حاكم ... )
الميراث: ومن هذه الأحكام جعل نصيب المراْه من الميراث نصف نصيب الرجل كما في قوله تعالى (فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ)[النساء: 176 . والحكم هنا لا يشمل كل حالات ميراث المرأة - كما يظن الكثيرين - بل هو مقصور على حاله الابن مع الابن عند وراثتهم للأب، ففي حالات أخرى تكون المراْه مساوية للرجل في الميراث ومنها:ا/ إذا كانت المراْه أختا للام مع أخيها، ب/ وإذا كانت أما فهي ترث وزوجها ولدا… وهذا يعنى أن هذا ليس نفيا للمساواة- كما يظن البعض - بل الحكم مبنى على أن الشريعة الاسلاميه جعلت نفقه المراْه "سواء كانت ابنه أو زوجه أو أم..." على الرجل. لذا قررت النصوص أن المراه مساويه للرجل في كون لها نصيب مفروض من الميراث كما أن للرجل نصيب من الميراث (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً)[سورة النساء] .
شهادة المراْه: ومن هذه الأحكام اشتراط الشريعة شهادة رجل أو امرأتين كما في الايه الكريمة، وهذا الاشتراط لا يشمل كل حالات شهادة المراه – كما يظن الكثيرين - بل يتعلق بشهادتها في القضايا المالية ، فهناك هناك حالات تكفى فيها شهادة مراْه واحده كما في الولادة. وهذا يعنى أن هذا الاشتراط لا يرجع إلى نفى الشريعة للمساواة بين الرجل والمراْه- كما يطن البعض- بل يرجع إلى زيادة منها فى التوثيق وحفظا للحقوق ،على قله خبره المراْه بالقضايا المالية، كما اشترطت أربعه شهود من الرجال فى إثبات جريمة الزنا لخطورتها، يقول الشيخ مصطفى السباعي( من الواضح أن هذا التفاوت لا علاقة له بالانسانيه ولا بالكرامة ولا بالاهليه… وان شهاده المراْه فى حق يتعلق بالمعاملات المالية بين الناس لا يقع إلا نادرا… والحقوق لابد من التثبت فيها… فليست مسالة كرامه أو أهانه أو أهليه وعدمها وإنما مسالة تثبت في الأحكام والاحتياط في القضاء فيها)( المراْه بين الفقه والقانون ،ص31-32) ويقول المستشار سالم البهنساوى (وهذا النقصان ليس له اثر فى الفقه الاسلامى إلا في الشهادة على الأموال وذلك حفظا للحقوق كما هو الحال فى اشتراط اربع شهود من الرجال لاقامه حد الزنا وشهادة المراْه وحدها فى الولادة)(السنة المفترى عليها،ص232).
تعدد الزوجات: ومن هذه الأحكام اباحه الشريعة الاسلاميه لتعدد الزوجات كما فى قوله تعالى (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ …). غير انه يجب تقرير ان الفهم الصحيح لهذا الحكم الشرعي يقضى الالتزام بجمله من الضوابط منها:
أولا: الأصل التفرد لا التعدد: اختلف العلماء فى أيهما الأصل فى الزواج ، فقال بعض العلماء ان الأصل هو التعدُّد بادله منها أن آية التعدد بدأتْ بذكْر التعدُّد: {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}، ثم نقلت العاجز عن هذه الرتب إلى منتهى قُدرته، وهي الواحدة.ومنها ماروى عن سعيد بن جبير، قال: قال لي ابن عباس: هل تزوجتَ؟ قلت: لا، قال: ”تزوَّج؛ فإنَّ خير هذه الأمة أكثرها نساءً” ( رواه البخاري، كتاب النكاح، باب كثرة النساء، برقم /5069/، ص907.). غير جمهور من العلماء يرون ان الأصل في الإسلام التفرد لا التعدد، اى أن التعدُّد الاستثناء وليس القاعدة بادله منها: 1/ قوله تعالى (أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا)، 2/ ورود الحكم بالاباحه مقرونا بشرط معين هو الخوف من عدم القسط في اليتامى كما فى قوله تعالى(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ )، 3/ تذييل الآية التي تبيح التعدُّد بقوله تعالى{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) (النساء: 3) ،4/ قوله تعالى {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} [النساء: 129) ثم قوله صلى الله عليه وسلم (مَن كان له امرأتان فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل)، 5/كون التعدد مباح وليس واجب …
ثانيا: ان حكم التعدد الاصلى هو الاباحه "الجواز"(ما لا يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه ) – وليس الوجوب(ما يعاقب تاركه) أو الندب"الاستحباب" (ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه – إلاّ إذا اعتراه ما يغيّر حكمه من الإباحة إلى غيرها؛ إما الاستحباب أو الوجوب أو الكراهة او التحريم. فيكون مستحبًّا إذا كان فعله يؤدي إلى أمر مستحب كرعاية أرامل المسلمين، و يكون واجباً إذا كان عدمه يؤدّي إلى محرََّم ، ويكون مكروهاً إذا كان فعله يؤدِّي إلى مكروه، كطلاق الزوجة الأولى (هناك من الفقهاء من قالوا بكراهية الثاني والثالث والرابع منهم البهوتي( البهوتي، كشاف القناع 5/7 ،و يكون محرّماً إذا كان يعتريه ما يحرِّمه كأن يجمع بين المرأة وأختها، أو إذا غلب على الزوج الظن أنه لن يستطيع العدل بين زوجاته فيما يجب عليه العدل ، (سؤالات في تعدد الزوجات، الشيخ محمد بن سعد الشهراني ، تقدّيم الشيخ ابن جبرين، مؤسسة الريان،بيروت)
ثالثا: اباحه التعدد ليست مطلقه بل لها شروط وضوابط: ومنها:ا/ أن يعدل الرجل بين جميع زوجاته ويسوي بينهن في الحقوق بدليل تذييل الآية التي تبيح التعدُّد بقوله تعالى{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) (النساء: 3) ، ب/ أن توافر له القدرة على الإنفاق لقوله تعالى (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يعنيهم الله من فضله ) وقوله (صلى الله عليه وسلم )( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج )فربط الحديث بين الحث على الزواج و القدرة"ألبائه " …
رابعا: قد جعل الشرع من حقِّ المرأة أو وليِّها أن يشترط ألا يتزوَّج الرجل عليها، فلو شرطت المرأة ذلك صحَّ الشرط ولزم، وكان لها حقُّ فسخ الزواج إذا لم يفِ لها بالشرط، ولا يسقط حقُّها في الفسخ إلا إذا أسقطته ورضيت بمخالفته، على تفصيلٍ كبيرٍ في كتب الفقهاء.
حديث ناقصات عقل ودين: كما اتخذ البعض الحديث الذي يقرر ان النساء ناقصات عقل ودين كدليل على نفى الإسلام المساواة بين المراْه والرجل ، وان ملكاتها و مقدراتها العقلية-الذكاء- اقل من ملكات ومقدرات الرجل بالإطلاق. وهذا فهم خاطئ مرجعه القراءة الجزئية لنص الحديث ، وعزله عن النصوص الأخرى، وعدم فهمه في إطار المفهوم الاسلامى للمساواة.
فنص الحديث كاملا هو (عن أبي سعيد الخدري قال خرج رسول الله في أضحى أو فطر إلى المصلى فمر على النساء فقال … معشر النساء تصدقن واكثرن الاستغفار فانى رايتكن اكثر اهل النار، فقالت امراْه منهن جزله: ومالنا يا رسول الله اكثر اهل النار؟ قال تكثرن اللعن وتكفرن العشير وما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن ، قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل قلن بلى قال فذلك من نقصان عقلها أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم، قلن بلى قال فذلك من نقصان دينها) (بخارى رقم: 298|) .فالحديث يشير إلى امراْه جزلة وهى ذات العقل والراى . كما ان نص الحديث يشير الى تعجب الرسول صلى الله عليه وسلم من مقدرات النساء ،وان الواحدة تغلب الرجل اللبيب اى الذكي . كما ان الخطاب موجه الى النساء المسلمات ، ومتعلق بالأحكام الشرعية الخاصة بالنساء فى الشهادة والصلاة والصوم ، وإنها مبنيه على تميز تكوين المراْه ومقدراتها الذاتيه عن تكوين ومقدرات الرجل، وليس امتياز تكوين ومقدرات الاخير عليها. وفهم الحديث على انه يشير الى ان عقل المراْه اقل من عقل الرجل بالإطلاق يعنى فهمه على انه يشير الى ان دين المراْه – اى تدينها – اقل من دين الرجل بالاطلاق ، وهو ما يتناقض مع تقرير كثبر من النصوص على تفضيل كثير من النساء فى الدين على كثبر من الرجال كزوجه فرعون وام موسى و زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابيات..
فالمقصود بالعقل في الحديث اذا ليس النشاط المعرفي ،المشترك بين كل الناس رجالا ونساءا ، بل المقصود به أنماط "أشكال"هذا النشاط المعرفي ، التي تتميز – ولا تمتاز – نتيجة لتميز ضوابط هذا النشاط المعرفي التكوينيه" خصوصية التكوين الجسدي والنفسي " والتكليفيه "الأحكام الشرعيه الخاصة ".. وهنا نستانس بتفسير الإمام ابن حزم للحديث والذي مضمونه فمضمونه :أولا:يلزم القائل بظاهر الحديث ان يكون أتم عقلاً وديناً من مريم وأم موسى وعائشة وفاطمة. والقول بغير هذا يعني ان من الرجال من هو أنقص ديناً وعقلاً من النساء. ثانيا: نقصان العقل والدين يقتصر فقط على الشهادة والحيض، ولا يتعداهما إلى غيرهما.ثالثا:هذا النقصان لا يوجب نقصان الفضل، فنساء النبي وبناته أفضل ديناً ومنزلة عند الله من كل تابعي، ومن كل رجل يأتي من بعدهم إلى يوم القيامة.
اباحه ضرب الزوجة: ومن هذه الأحكام اباحه الشريعة ضرب الزوجة لقوله تعالى(وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ) (النساء:34). غير ان لهذا الحكم ضوابط منها :
ا/ الايه تقرر ان الضرب هو أخر خيار يمكن ان يلجاْ اليه الزوج حال نشوز الزوجة (بعد الوعظ والهجر) ، فهو استثناء وليس أصل للعلاقة بين الرجل وزوجته لقوله تعالى ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ ).
ب/ أن لهذا الحكم شروط منها: 1/ أن يكون الضرب غير مبرح بسواك أو بمنديل ملفوف لا بسوط ولا بعصي أو نحوه – فعن عطاء قال : قلت لابن عباس : ما الضرب غير المبرح ؟ قال : السواك وشبهه يضربها به .( رواه ابن جرير 5/68 ) ، 2/ ويحرم ضرب الوجه والمقاتل، فعن جَابِرٍ -رضي الله عنه- قال : نهى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن الضَّرْبِ في الْوَجْهِ .( رواه مسلم (2116) .
ج/هذا الحكم هو من باب التدرج فى الانتقال مما هو كائن( الضرب كوسيلة وحيده للعقاب عند عرب الجاهلية) الى ما يبغى ان يكون(تفضيل استخدام خيارات أخرى للعقاب) بدليل تقرير الشريعة انه مع اباحه الضرب بشروطه إلا أن تركه أفضل : قال صلى الله عليه وسلم ( لقد طاف بآل محمد الليلة سبعون امرأة كلهن يشتكين الضرب وأيم الله لا تجدون أولئك خياركم ) (رواه النسائي في الكبرى : 9167 ، وصححه ابن حبان :4189)، قال الإمام الشافعي ( فجعل لهم الضرب وجعل لهم العفو وأخبر أن الخيار ترك الضرب)(الأم 5/112) ، وقال الحافظ ابن حجر( فيه دلالة على أن ضربهن مباح في الجملة ومحل ذلك أن يضربها تأديبا إذا رأى منها ما يكره فيما يجب عليها فيه طاعته فإن اكتفى بالتهديد ونحوه كان أفضل )(فتح الباري 9/304 وانظر : عون المعبود 6/128). وعن عَائِشَةَ ( رضي الله عنه ) قالت : ما ضَرَبَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شيئا قَطُّ بيده ولا امْرَأَةً ولا خَادِمًا إلا أَنْ يُجَاهِدَ في سَبِيلِ اللَّهِ (رواه مسلم :2328 )، قال النووي ( فيه أن ضرب الزوجة والخادم والدابة وإن كان مباحا للأدب فتركه أفضل ) ( شرح صحيح مسلم 15/84). وقال القاري ( خصا بالذكر اهتماماً بشأنهما ولكثرة وقوع ضرب هذين والاحتياج إليه وضربهما وإن جاز بشرطه فالأولى تركه قالوا بخلاف الولد فإن الأولى تأديبه) ( مرقاة المفاتيح 10/ 488 ).
رجحان مذهب منع زواج القاصرات : هناك مذهبين في زواج القاصرات:
مذهب الاباحه: المذهب الأول :هو مذهب اباحه زواج القاصرات ،ويستند هذا المذهب إلى العديد من الادله أهمها: قوله تعالى( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن )، و أن الرسول (صلى الله عليه وسلم ) تزوج عائشة (رضي الله عنها) وهي بنت تسع.
مذهب المنع :أما المذهب الثاني فهو مذهب منع زواج القاصرات. ويستند هذا المذهب على العديد من الادله :
أدله النفي: بعض هذه الادله تتصل بالرد على الادله التي أوردها مذهب اباحه زوج القاصرات ومنها:أولا: قال بعض أنصار هذا المذهب أن زواج الرسول (صلى الله عليه وسلم) من عاشه (رضي الله عنها) وهى صغيره من خصوصياته (صلى الله عليه وسلم) كزواجه أكثر من أربعه ، حيث رأى ابن شبرمة أن ( أَمْرَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا خُصُوصًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، كَالْمَوْهُوبَةِ، وَنِكَاحُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ) (ابن حزم/ المحلى)،كما قال البعض انه من العرف الذى كان سائدا عند العرب ، في عهد الرسول (صلى اله عليه وسلم ) وما قبله ، والذي يتغير بتغير الزمان ،وقال آخرون إن المعيار هو البلوغ وليس العمر ، وهو ما يتغير بتغير البيئات والازمنه ، بدليل أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) خطب عائشة (رضي الله عنها) وهى بنت ست ،وبني بها وهى بنت تسع.ثانيا: كما يرى أنصار هذا المذهب أن المقصود ب(اللائي لم يحضن ) في الايه ليس الصغيرات اللاتي لم يبلغن سن الحيض ، بل المرأة المرأة الكبيرة.ثالثا: أن الرضا من شروط الزواج لقوله (صلى الله عليه وسلم) (لا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حتى تُسْتأمر، ولا تُنْكحُ البِكْرُ حتى تُسْتأذن، قالوا يا رسول الله وكيف إذْنُها؟ قال: أن تسكت)( رواه البخاري ومسلم). وهذا الشرط غير متوفر في الفتاه القاصر لأنها غير مكلفة .
أدله الإثبات : كما أن بعض أدله هذا المذهب تتصل بإثبات حكم المنع ومن هذه الادله:أولا: أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) رد خطبه ابو بكر وعمر (رضي الله عنهما) لفاطمة لأنها صغيره كما في الحديث(خطب أبو بكر وعمر فاطمة فقال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": ( إنها صغيرة ) ،فخطبها علي فزوجها منه)( قال المحقق شعيب الارنؤوط إسناده صحيح على شرط مسلم، وفي سنن النسائى الصغرى ) .ثانيا: نقل ابن حزم عن ابن شبرمة تحريم زواج غير البالغة حيث يقول في المحلى ( فِي بَعْضِ مَا ذَكَرْنَا خِلافٌ : قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: لا يَجُوزُ إنْكَاحُ الأَبِ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ إلا حَتَّى تَبْلُغَ وَتَأْذَنَ، وَرَأَى أَمْرَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا خُصُوصًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، كَالْمَوْهُوبَةِ، وَنِكَاحُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ).
رجحان مذهب المنع : إن الادله السابقة تجعل مذهب المنع– فيما نرى – هو المذهب الراجح .وقد قال بمذهب منع زواج القاصرات العديد من العلماء منهم الشيخ ابن عثيمين والشيخ محمد بن ناصر الألباني والشيخ يوسف القرضاوى والشيخ العبيكان.... (للمزيد انظر:ابن عثيمين والعبيكان والقرضاوي يؤيدان تحديد سن الزواج / مجيب ألحميدي ).
ختان الإناث:
مذاهب درجه إيجاب الختان: اتفق الفقهاء على إيجاب الختان على وجه العموم ، لقوله صلى الله عليه وسلم( خمس من الفطرة: الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظافر وقص الشارب)(متفق عليه)،ولكنهم اختلفوا في درجه الإيجاب،إلى مذهبين: المذهب الأول(الوجوب): و قال به الشعبي وربيعة والأوزاعي ويحيى بن سعيد ومالك والشافعي وأحمد. المذهب الثاني(الندب/ الاستحباب/ سنه): وقال به أبو حنيفة والحسن،ونقله كثير من الفقهاء عن مالك ، يقول ابن عابدين في كتاب الطهارة من "السراج الوهاج"( اعلم أن الختان سنة عندنا للرجال والنساء)..
التمييز بين الرجل والمراه في درجه الإيجاب: والمشترك بين المذاهب وهو
إيجاب(طلب) الختان، لكن الفقه الاسلامى يميز بين الرجل و المراه في درجه الإيجاب، فحكم ختان الرجل درجه بين الوجوب(الفرض) والندب (السنة)، باعتبارات كثيرة منها أثره وموضوعه، فباعتبار أثره( لأثره الايجابي على الصحة) يمكن أن يحمل على الوجوب،وباعتبار موضوعه(الطهارة كأمر تحسيني ) يمكن أن يحمل على الندب ،وقد أشار بعض العلماء على هذا الحكم، يقول القاضي عياض المالكي ) الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة، ولكن السنة عندهم يأثم تاركها؛ فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب). ويقول الموصلي الحنفي في "شرح المختار"(: أن الختان للنساء مكرمة فلو اجتمع أهل مصر على ترك الختان قاتلهم الإمام؛ لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه) . أما حكم ختان المراه فهو في درجه إيجاب ادني من درجتي الندب (السنة) ، والوجوب(الفرض)بخلاف الرجل،وهى درجه الجواز - الاباحه (اى لا يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه) ، وقد عبر الفقهاء عن هذه الدرجة بمصطلح "مكرمه"، يقول ابن قدامه (المغني)( إن الختان واجب على الرجال ومكرمة في حق النساء وليس بواجب عليهن)، وفي شرح المختار للموصلي ( إن الختان سنة للرجال وهو من الفطرة، وللنساء مكرمة) .
التمييز بين الكيفيات و منع الختان الفرعوني: غير انه يجب الاشاره إلى أن حكم الجواز وعدم الوجوب او الندب، مقصور على كيفية الختان التي وردت في السنه عن ختان الإناث،كما في حديث أم عطية رضي الله عنها قالت: إن امرأة كانت تختن بالمدينة فقال صلى الله عليه وسلم(لا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل)( رواه أبو داود). وقوله صلى الله عليه وسلم( يا نساء الأنصار اختفضن (اختتن) ولا تنهكن أي لا تبالغن في الخفاض)( رواه البيهقي في شعب الإيمان)- مع الاشاره إلى أن هناك من ضعف هذه الأحاديث - أما الختان الفرعوني فهو كيفيه أخرى للختان ، ذات جذور وثنيه، لا أصل لها في الإسلام ، وهى بدعه إذا اعتقد فاعلها أنها من الدين وأصوله، و حكمها المنع لثبوت ضررها على المراه، استنادا إلى قاعدة لا "ضرر ولا ضرار".
نحو فهم صحيح لقول بعض الفقهاء "صوت المراه عوره" :
أولا: اختلاف الفقهاء في كون صوت المراه عوره أم لا : اختلف الفقهاء في كون صوت المراه عوره أم لا، فقال الأحناف أن صوت المراه عوره ، واستدلوا بقوله تعالى(وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ)، ووجه الاستدلال عندهم انه إذا نهيت المراه عن صوت الخلخال ، فإن المنع عن رفع صوتها أبلغ في النهي، كما استدلوا بحديث التكبير للرجال والتصفيق للنساء. وذهب الشافعية وغيرهم إلى أن صوت المرأة ليس بعورة، لأن المرأة لها أن تبيع وتشتري وتُدْلي بشهادتها أمام الحكام، ولابد في مثل هذه الأمور من رفع الصوت بالكلام، يقول الألوسي ( والمذكور في معتبرات كتب الشافعية- وإليه أميل- أن صوتهن ليس بعورة فلا يحرم سماعه إلا إن خشي منه فتنة....). وقال فقهاء الحنابلة أن صوت المرأة ليس بعورة،(انظر شرح المنتهى: 3/11 ،وشرح الإقناع: 3/8 ط مقبل، وغاية المنتهى: 3/8، والفروع: 5/157.)
ثانيا:التمييز بين الكيفيات :ورفع هذا الخلاف يكون بالتمييز بين الكيفيات المختلفة لكلام المراه ،فهناك الكيفية القائمة على الخضوع بالقول، وتنغيم الكلام ، ورفع الصوت للفتنه، وحكمها التحريم. وهناك الكيفية التي لا تتضمن كل ما سبق ، وحكمها الاباحه، وهنا لا يجوز وصف صوت المراه بأنه عوره . نستدل على هذا التمييز بين الكيفيات المختلفة للكلام بالاتي: أولا: أن الايه(َلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) نهت عن الخضوع بالقول وأباحت القول قولا معروفا . ثانيا:ورد في السنة أن النساء كن يأتين إلي النبي صلى الله عليه وسلم ويخاطبنه بحضور الرجال ولا ينهاهن، ولا يأمر الرجال بالقيام... ثالثا:أن من قال أن صوت المراه عوره ركز على مسالة الفتنه ،يقول الجصاص في تفسيره( وفي الآية دلالة على أن المرأة منهية عن رفع صوتها بالكلام بحيث يسمع ذلك الأجانب إذا كان صوتها أقرب إلى الفتنة من صوت خلخالها. ) . رابعا: أن النهى عن رفع الصوت هنا ليس حكم قائم بذاته ، بل هو فرع من النهى العام عن كل ما يلفت النظر ويحرك الشهوة ،يقول ابن كثير: أن المرأة منهية عن كل شيء يلفت النظر إليها، أو يحرك شهوة الرجال نحوها، ومن ذلك أنها تنهى عن التعطر والتطيب عند خروجها من بيتها فيشم الرجال طيبها لقوله عليه السلام «كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا» .خامسا: أن قول الرسول(صلى الله عليه وسلم) (إذا نابكم شيء في الصلاة فليسبح الرجال وليصفق النساء)، لا يفيد أن مطلق صوت النساء عوره ، لأنه مقيد في الصلاة، وظاهر الحديث أنه لا فرق بين أن تكون مع الرجال أو في بيت لا يحضرها إلا النساء أو محارم ( مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد صالح العثيمين - المجلد الثاني عشر - باب ستر العورة.).
خدمه المراه لزوجها وحكمه : قال بعض العلماء أن حكم خدمه المرأة لزوجها هو الوجوب، ومنهم الإمام ابن القيم في كتابه (زاد المعاد ) ، واختلف هؤلاء العلماء في كون حكم الوجوب يشمل خدمتها لزوجها في كل شي (كما قال أبو ثور)، أم مقصور على خدمته في البيت فقط كما قالت بذلك طائفة من السلف والخلف . ونفت طائفة من العلماء أن يكون حكم خدمه المرأة لزوجها هو الوجوب ، وممن نفى ذلك مالك والشافعي وأبو حنيفة، وأهل الظاهر و الإمام ابن حزم الذى يقرر ان خدمه الزوجة لزوجها مندوبه فهي من جنس المعاشرة الحسنة التي حث عليه الشرع ، ولكنها ليست واجبه ، لان عقد الزواج إنما هو على البضع لا على الخدمة ، حيث يقول ( وَلَا يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَخْدِمَ زَوْجَهَا فِي شَيْءٍ أَصْلًا ، لَا فِي عَجْنٍ ، وَلَا طَبْخٍ ، وَلَا فَرْشٍ ، وَلَا كَنْسٍ ، وَلَا غَزْلٍ ، وَلَا نَسْجٍ ، وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ أَصْلًا - وَلَوْ أَنَّهَا فَعَلَتْ لَكَانَ أَفْضَلَ لَهَا وَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَأْتِيَهَا بِكِسْوَتِهَا مَخِيطَةً تَامَّةً ، وَبِالطَّعَامِ مَطْبُوخًا تَامًّا وَإِنَّمَا عَلَيْهَا أَنْ تُحْسِنَ عِشْرَتَهُ ، وَلَا تَصُومَ تَطَوُّعًا وَهُوَ حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ ، وَلَا تُدْخِلُ بَيْتَهُ مَنْ يَكْرَهُ ، وَأَنْ لَا تَمْنَعَهُ نَفْسَهَا مَتَى أَرَادَ ، وَأَنْ تَحْفَظَ مَا جَعَلَ عِنْدَهَا مِنْ مَالِهِ )، واستدل هؤلاء العلماء على نفي كون حكم خدمه المراه لزوجها هو الوجوب بكون عقد النكاح إنما اقتضى الاستمتاع لا الاستخدام، وبذل المنافع. قالوا: ان الأحاديث التي تحث المراه على خدمه زوجها إنما تدل على التطوع ومكارم الأخلاق ،ولا تدل على الوجوب.من أقوال الفقهاء نخلص إلى أن الفقهاء اتفقوا على إيجاب (طلب) خدمه المراه لزوجها،استنادا إلى الأحاديث الحاثة على ذلك ، لكنهم اختلف وفى درجه الإيجاب (الطلب)، فقال بعضهم أنها درجه الوجوب،وقال آخرون أنها درجه الندب – الاستحباب(التطوع ومكارم الأخلاق).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليق على مقال بالصحيفة