علم رياضيات الجغرافيا السياسية والمناخية و قراءة المعطيات والمؤشرات يقول: انّ الدولة التركية الإقليمية بعهد حكم حزب العدالة والتنمية، هي بمثابة القاعدة العسكرية المتقدمة للناتو في مواجهة الدولة الوطنية السورية والدولة الوطنية الروسية.
وبعبارة أخرى تركيا الآن(مخفر)متقدم للغرب وأمريكا ازاء دمشق وموسكو، وتلعب أدوار أخرى في الحدث الأوكراني ما زالت في بداياتها، ولها أدوار قادمة في القوقاز كرد على السياسات الروسية ازاء الجمهورية التركية، أنّه مسار رسمه البلدربيرغ الأمريكي لرؤية استراتيجية لنواته ليصار الى تفكيك تركيا وعبر الملف الكردي، والذي يعد بمثابة القاسم المشترك بين تركيا وسورية والعراق وايران، ومن شأنه أن ينتج خطوط اتصال ساخنه غير مرئية لمنع اقامة كيان كردي، حيث الفيتو الإقليمي السابق تصدّع بفعل الدور التركي العميق بالحدث السوري ومآلات وعقابيل ذلك.
وتسعى حكومة التنمية والعدالة رغم اخفاقاتها السابقة، للتعجيل في توريط الناتو في الحدث السوري عبر استفزازاتها العسكرية، وخروقات للهدنه هنا وهناك وبين فينة وأخرى، وتحت عناوين محاربة فرع PKK في الداخل السوري وعلى الحدود تحديداً، من استخدامات المخابرات التركية وكما ثبت بالدليل القاطع ومؤشرات ذلك: التسجيل الصوتي المسرّب من الغرفة السريّة لوزير الخارجية التركي، عندما كان أحمد داوود أوغلو(رئيس الوزراء الحالي) وزيراً للخارجية في مقدمات الشهور الأولى لعام 2014 م، عشية الانتخابات المحلية حينها، عبر أدواتها السورية الخائنة وغير السورية من التابعية العربية والإسلامية في الداخل السوري، لغاز السارين السام وتلفيق التهمة بالجيش العربي السوري، الى فتح مروحة من التساؤلات عن حقيقتها وغاياتها، كنتاج لمعركة تمويه وحرب قمم ومعابر بريّة وبحريّة، وكنتاج مضمون الصندوق الطائر المنقول، من مطارات احدى دول الجوار السوري الى تركيا قبل عامين من الآن بالتمام والكمال.
وقد أشار كاتب هذه السطور الى ذلك في مقابلة مع قناة الميادين في 9 – 4 – 2014 م، وقت وزمان احدى زيارات الملك الى موسكو في برنامج آخر طبعه، حيث ركّزت المقابلة في جزء كبير منها على تلك الزيارة الهامة الى موسكو، والتي رافقه فيها مدير المخابرات الأردني وآخرين، وأسّست لتنسيق وتفاهم أردني روسي عميق، كان بمثابة المدماك الهام لجل التفاهمات المكتوبة وغير المكتوبة على طول خطوط العلاقات الأردنية الروسية، ان لجهة الثنائي، وان لجهة الإقليمي وخاصة الحدث السوري.
وكما عملت حكومة التنمية والعدالة وما زالت(ثمة خلافات الآن داخل أركان حزبها)تأمين قوّة نارية للمجموعات الإرهابية الشيشانية والأوزبكية والتتريّة، التي افتتحت معركة معبر كسب وريفها بين تركيا وسورية في حينها، والى اسقاط الطائرة العسكرية السورية المقاتلة داخل الأجواء السورية في السنة الثالثة للحدث السوري، الى استخدامات لغاز الكلور السام في الداخل السوري وعبر زومبيات المخابرات التركية في الداخل السوري، والتنسيق مع فرنسا وبريطانيا والسعودية وقطر(اعترافات متأخرة الأن للبنتاغون ومثيلاته في فرنسا وبريطانيا، أنّ عصابة داعش هي من استخدمت الغازات السامة في الداخل السوري، وتولت قناة الجزيرة وشقيقاتها سفاحاً من قناة العبرية وغيرها، التابعة للمحور الآخر تسويق ذلك)وانتهاء بإسقاط الطائرة العسكرية الروسية داخل الأجواء السورية وقتل طياريها، وما لحقها من وجود عسكري روسي في الداخل السوري وفعل وتفاعل روسي بالجو والميدان والاستخبارات، الى محاولات متعددة وما زالت لبناء ملف جديد وتحت الفصل السابع بعنوان انساني صرف تحت شعار ايصال المساعدات الإنسانية.
كل ذلك لدفع الجيش العربي السوري للرد بالمثل، ليصار لاحقاً ومن فوره الى تفعيل المادة الخامسة من ميثاق حلف الناتو، لدخول الأخير عسكرياً على خط الأزمة السورية وتعقيداتها وعقابيلها لخلط الأوراق في المنطقة، خدمةً للكيان الصهيوني وأدواته من جلّ السفلة، من بعض يهود صهاينة، وبعض عرب صهاينة، وبعض مسلمين صهاينة، وبعض مسيحيين صهاينة.
كلّ هذا السعي من قبل حكومة حزب التنمية والعدالة وأردوغان رئيساً للوزراء وقبل أن يصبح رئيساً للجمهورية بعام ونصف، والذي تزامن مع اقرار مشروع قانون الاستخبارات التركي الجديد في وقته، لمواجهة ما زالت مستمرة لاستراتيجية سياسة القضم السوري العسكري والأمني، من قبل الجيش العربي السوري لجل الجغرافيا السورية وخاصة في الشمال السوري، بعد أن استطاعت نواة الجيش العربي السوري وعبر قطاعاته العسكرية في الميدان من تحقيق نظرية البطن العسكري الآمن بمساعدة روسية ومن حزب الله، عبر السيطرة على الوسط السوري والمدن الأساسية قبل الاستحقاق الدستوري القادم للبرلمان ومع اجراء المصالحات وعودة بعض كبار الضبّاط الفارين من الخدمة الى حاضنة الجيش العربي السوري.
من زاوية أخرى نرى أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تدرك أنّ استمرارها لا يكون الاّ عبر صناعة وصناعة المزيد من سلال متعددة من الأعداء حيث اقتصادها اقتصاد حربي قائم على الحروب، فأكسير حياتها للعاصمة الأمريكية واشنطن دي سي يكمن في صناعة منظومة متكاملة من الأعداء على وجه البسيطة، عبر سبر غور متاهاتها التي تصنعها لضمان مصالحها ومصالح جنين الحكومة الأممية(بلدربيرغها)، عبر بلوتوقراطية حكومتها البرجوازية(حكومة برجوازية النظام الرأسمالي)، حيث حكومة الديك شيني العسكرية السريّة وقت بوش الأبن وبعد أحداث الأيلول الأسود الأمريكي 2001 م بيوم في 12 أيلول لعام 2001 م.
ما زالت ماثلة في مفاصل مؤسسات الولايات المتحدة الأمريكية وفي ثنايا الإدارة الديمقراطية الحالية ومجتمع المخابرات الأمريكي.
وتعمل الحكومة الأمريكية العسكرية السريّة(تنظم تشيني رامسفيلد وامتداداته ان لجهة الداخل الأمريكي وان لجهة الخارج الأمريكي)، على الصراع والتآمر على سورية من خلال الوكلاء من بعض عرب(قلق وواجل)وزومبياتهم الجهادية وغير عرب، وتحاول مضايقة بكّين عن طريق الكوريتين وتايوان واليابان، ففي سورية فشلوا ولم تنهار الدولة الوطنية السورية، فالجيش متماسك والقطاع العام السوري صامد ويقدّم خدماته، والجسم الدبلوماسي السوري في الخارج صامد ويقوم بأدواره، ونهج المصالحات في الداخل السوري مستمر ويحقق نتائج مبهرة تفوق ما يحقّقه الرصاص وعنف القتال الرأسي والعرضي، والعملية السياسية البرلمانية السورية في طريقها رغم محاولات الأصيل المتآمر والوكيل الخائن على اعاقتها عبر التصعيد العسكري الداخلي، من خلال التفجيرات الإرهابية عبر سيّارات مفخخة وأحزمة ناسفة لمشاهدة الحور العين في الجنّة.
نعم فشلوا في سورية قلب الشرق ومفتاحه، فلجأت حكومة ديك شيني السريّة والتي ما زالت بعنفوان شبابها ونافذة في مفاصل ادارة أوباما الى أوكرانيا، عبر اليمين الأوكراني المتطرف(النازيون الجدد والفاشست)، وأنّ المعني والمستهدف في ما تم فضحه عبر سيمور هرش حول من استخدم غاز السارين في السابق في الداخل السوري والان غاز الكلور، هو الحكومة السريّة في واشنطن الصوت الآخر للبلدربيرغ والصهيونية العالمية وليس أردوغان ومؤسسات حزبه في الداخل التركي، وان كانت تستهدف أيضاً امتدادات الديك تشيني رامسفيلد في تركيا، وأدوات تلك الامتدادات متعددة ومنها، أتباع ابنة تشيني الوحيدة وهي سحاقية، تزوجت من صديقتها عندما كانت نائبة لوزير الحرب الأمريكي والدها، عبر جمعيات المثلية الجنسيّة في الداخل التركي، ومن أعضائها نخب فاعلة من نخبة المجتمع النافذين، في مجتمعات المال والسياسة والاقتصاد والمخابرات وبعض قطاعات الجيش التركي.
وتشير قراءة المعطيات والمعلومات، أنّ الجون كيري وزير الخارجية الأمريكي، هو امتداد طبيعي وممنهج لتنظيم ديك تشيني السريّ في ادارة أوباما، وما عصابة البلاك ووتر الدموية والقاعدة وأخواتها وكافة الزومبيات الجهادية على الطريقة الأمريكية عبر الوهابية العسكرية والسياسية، الاّ بمثابة أدوات عسكرية لتنظيم الديك شيني هذا، بجانب أدوات اجتماعية في الداخل الأمريكي والخارج الأمريكي، تشرف عليها ابنة تشيني من جمعيات المثليّة الجنسية(من لواطيين وسحاقيات)والتي صارت تغزو مجتمعاتنا العربية والإسلامية، مع اعتبار الشركات المتعددة الجنسيات أدوات اقتصادية لذاك التنظيم السريّ، والذي له امتدادات ضخمة في بنوك الاستثمارات الضخمة من كودمان ساتشي وجي بي مورغان.
وتتحدث المعلومات، أنّ تنظيم تشيني رامسفيلد السريّ وعبر جون كيري، والأخير كما أسلفنا أحد أوجه امتدادات التنظيم السابق في ادارة أوباما المأزوم بفعل الحدث السوري والحدث الأوكراني، أرسلوا ويرسلون المزيد من مجاميع عصابة وجنود البلاك ووتر المأجورين والمرتزقة الى مناطق في شرق وجنوب أوكرانيا، وهؤلاء تم استخدامهم في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وفي العراق وأفغانستان، وكانوا موجودين في الداخل التركي وقبل أحداث أيلول الأسود الأمريكي 2001م وقبل الانقلاب العسكري والمخابراتي الأمريكي الناعم في الولايات المتحدة الأمريكية في 12 أيلول 2001 م، عبر الحكومة السريّة لديك تشيني رامسفيلد وأدواتها الشاملة وبدعم كامل ومطلق من البلدربيرغ الأمريكي.
وما المجزرة في أوديسا جنوب شرق أوكرانيا في مبنى النقابات المهنية التي حدثت 2- 5 – 2014 م حيث قاربت ذكراها الثالثة على الحلول، الاّ نتاج وفعل وتفاعلات اليمين الأوكراني المتطرف(النازيون والفاشست الجدد)بالتعاون مع عصابات البلاك ووتر الأمريكية وباقي المرتزقة في الداخل الأوكراني، والذين أرسلتهم حكومة الانقلاب الأمريكي والتي ما زالت مستمرة منذ 12 أيلول 2001 م وحتّى اللحظة في الداخل الولاياتي الأمريكي(التنظيم السري لديك تشيني ورامسفيلد)، وصاحب المسؤولية الأول عن هذه المجزرة: هي الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، والأخير الوجه المدني لحلف الناتو الحربي.
وهنا لا بدّ من الإشارة الى هذه المقاربة السياسية والعسكرية الطبيعية، فيما يجري في شرق وجنوب أوكرانيا من عمليات عسكرية عبر سلطات الانقلاب في كييف، وهي في الأساس عملية عسكرية أمريكية وعملية للناتو أيضاً، حيث لا مجال للمقارنة بين عملية مكافحة الإرهاب في شمال القوقاز التي حدثت قبل سنوات ومع بدايات القرن الحالي، بعملية مكافحة الإرهاب(حسب تسمية سلطات كييف الانقلابية)التي تجريها وتحاول أن تحقق فيها تقدماً سلطات الانقلاب في كييف المدعومة من الغرب وواشنطن في شرق أوكرانيا وجنوبها، فلا وجه للمقارنة ولا قواسم مشتركة بينهما، ففي القوقاز كان الإرهاب عدوان دموي دولي أممي بصناعة مجتمعات المخابرات الغربية والأمريكية لتفجير روسيّا من الداخل وجعلها تنكفأ للشأن الروسي الداخلي.
أحسب وأعتقد أنّ واشنطن تفضّل ادارة الأزمات في العالم على تحمل نتائج حلها، وتستخدم الأزمة نفسها كأسلوب ادارة عميق لخلق المتاهات تلو المتاهات، لتحوّل الجميع الى أعداء وخصوم، كون وجودها واستمرارها قائم على أساس ذلك.
وتعمل الولايات المتحدة الأمريكية هذا الأوان وبالتعاون مع حلفائها من بعض غرب وبعض عرب “واسرائيل” على انشاء منظومة دعائية وعلاقات عامة لتظليل العالم ولتوجيه ماكنة الأعلام المتحالف معها ومعه بعض الأعلام العربي البترو دولار والغازي الخليجي لتشويه صورة الفدرالية الروسية وصورة حلفائها أيضاً.
فجون كيري عيّن مستشار له لشؤون الدعاية(البروبوغندا)ريتشارد ستنغل رئيس تحرير مجلة ماغازين الأسبق منذ أزيد من عام ونصف، والأخير يمتاز بقدرات غير عادية في صناعة العدو والخصم وتشويه صورته.
وجاء تعينه بأمر من حكومة الانقلاب السريّ( تنظيم تشيني رامسفيلد)وخدماته للمشروع الأمريكي جليّة رغم تعثر المشروع الأمريكي نفسه بالمنطقة، بفعل صمود الدولة الوطنية السورية والجيش العربي السوري، وتماسك القطاع العام السوري وباقي المؤسسات السورية المختلفة، بالرغم من الحرب الكونية على سورية وفي سورية.
وقد تكون تركيا قادرة على التخريب وتعقيد المشهد اقليميّاً ودوليّاً، لكنها عاجزة عن تبديل المشهد في سورية والمنطقة، وكذلك الحال لمملكات القلق الخليجي، والجيش السوري يقوم بهجوم القضم العسكري الجغرافي والديمغرافي للإرهابيين ومنذ شهور، والشراكة الإقليمية التركية السعودية القطرية مستمرة ازاء الحدث السوري، رغم الخلافات الأفقية والرأسية الإقليمية الحادة بشأن النفوذ الأخواني، حيث استطاع الأمريكي من ضبط ايقاع الأطراف الثلاث بشأن الخلافات، والهدف التركي الآن يتموضع في المزيد تلو المزيد في تسخين ملف حلب رغم وقف الأعمال العدائية باستثناء داعش والنصرة وباقي المنظمات الإرهابية المعروفة من صعاليك جيش الفتح وجيش الإسلام وأحرار الشام(أشرار الشام)، لمزيد من التشكيك في شرعية النظام والنسق السياسي السوري، عبر التشكيك في العملية السياسية القادمة والتي من خلالها يستمر النظام في عمليات اصلاح نفسه وانتاجها من جديد بالمعنى الرأسي والعرضي برغم عواء البعض، وعمّان وفي قرار نهائي لها: لا جبهة من الجنوب السوري وأشرنا الى ذلك في مقابلتنا الأخيرة على قناة الميادين في 23–1– 2016 م، والأرجح الآن هو الخيار التركي الشامل خيار تسخين الحدود وخيار الرقة فمن يسبق من الى الرقة؟ في محاولة للتأثير على انتخابات مجلس الشعب السوري القادمة، والرهان في ذلك على الساحة التركية الخلفية كساحة دعم لوجستي للإرهابيين والزومبيات الأخرى من القيادات والفصائل الآسيوية، والتي تم جلبها من مختلف جبهات القتال في سورية وزجّها بمعركة الحدود الشمالية ثم ليصار الى دفعها نحو الرقّة، وهي مجموعات القيادات المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمخابرات التركية منذ أيام حرب الشيشان الأولى في التسعينيات، من شيشان وداغستانيين وأوزبكيين وبعض شركس وتتريين، وهناك ألوية وكتائب تركمانية تركية الولاء بالمطلق في معركة حلب وريفها وكسب وريفها وكافة المعابر مع تركيا على مدار الحدث السوري، مع العلم أنّ الوزن السكّاني الأكبر في حلب تحت سيطرة الدولة الوطنية السورية وجيشها العربي العقائدي.
الدور القومي والوطني للجيش العربي السوري العقائدي، هو ما يقلق بل يزلزل مضاجع ثكنة المرتزقة “اسرائيل” ملكة جمال الكون، ووصيفاتها من بعض الساحات الخليجية والعربية، فقومية الجيش العربي السوري المترسّخة في عقيدته، هي هدف استراتيجي لثكنة المرتزقة هذه، ومن يسعى لعلاقات رأسيه وعرضية معها(أي ثكنة المرتزقة)من بعض عربنا الذي لا يملك معاهدات معها، ان كان سرّاً وان كان علناً، بوجود عارض الأزياء يوسي كوهين مهندس استعادة حرارة العلاقات مع بعض الساحات والدول، ان كانت عربية، وان كانت غير عربية ولكنها اسلامية في ظاهرها وعلمانية في عمقها.
كذلك قومية الجيش العربي الأردني وقومية الجيش المصري، وقومية الجيش الجزائري وقومية الجيش اللبناني وبعض الجيوش العربية الأخرى، هي أهداف لثكنة المرتزقة “اسرائيل” تسعى لتحطيمها ولو بعد حين، عبر تحويلها الى جيوش وطنية قطرية ضيقة محصورة بالجغرافيا السياسية.
وحسب ترسيمات سايكس اللعين وبيكو الخبيث، وان كانت عمّان والقاهرة أبرمتا معاهدات في مرحلة ما مع ثكنة المرتزقة والبلاك ووتر هذه، لكن عقيدة الجيشان لم تتغيّر، وقوميتهما كذلك رغم مرور سنين، ورغم التنسيق الأمني بمستويات مختلفة. بعض شخصيات المعارضة السورية في الخارج السوري وفي الداخل السوري وعلى حد سواء(لا أريد تسميتها لأنّها معروفة للجميع)، تسعى وبإيعاز من أمريكا وبعض العواصم الغربية والعربية، وثكنة المرتزقة والبلاك ووتر “إسرائيل”، الى استبدال عقيدة الجيش العربي السوري العقائدي، عبر تحويله الى جيش وطني قطري ضيق، جيش طائفي لا يرقى الى مستوى مجموعات شرطية لا علاقة لها بالوطن السوري، فما يغيض ثكنة المرتزقة ثكنة بلاك ووتر هو قومية الجيش العربي السوري العقائدي كما أسلفت أنفاً ومعه بعض الجيوش العربية المعروفة بقوميتها.
في ظل هذا التيه والتوهان العربي، لم تعد الخيانة وجهة نظر، بل صارت عشقا دّنِساً، فبعض شخصيات المعارضات السورية هذه وبإيعاز من مشغليّهم، يريدون تصوير الجيش العربي السوري وكأنّه مجرد أداة أو ماكينة يتم تحويلها من شرف النضال إلى دناءة الخيانة.
فالموقف من ثكنة المرتزقة الصهيونية ومن برلمانها، ليست مسألة خيار سياسي أو فكري أو فلسفي أو نفسي أو مصلحي، بل مسألة وطنية قومية بعمق وبلا مواربة، وحيث نجح التطبيع في تمويه هذا، فعلينا كشفه ومواجهته، ومع كل أسف وبحالة يجعل الأنسان العاقل يستفرغ جلّ طعامه اليومي، يعاد عرّاب التطبيع مع ثكنة المرتزقة احمد ابو الغيط آخر وجه دبلوماسي لنظام مبارك المخلوع أميناً عاماً لجامعة الدول العربية، والتي من صارت تدار من مشيخات القلق العربي لتشرّع ما يريده الإسرائيلي والأمريكي ازاء الساحات العربية، كما فعلت وسهّلت في فلسطين المحتلة، والعراق وليبيا وما تحاول فعله رغم فشلها ازاء سورية والدولة الوطنية السورية.
بعض دول الخليج الجامحة، كما وصفها أوباما مؤخراً، المنتجة للنفط لا تصدّر النفط فقط، بل والإرهاب أيضاً، وها هي أمريكا لا أقول تنسحب من المنطقة بقدر ما تعيد تموضعها من جديد في ظل الصراع مع روسيّا والصين وايران، والتركيز على أسيا وأفريقيا ودول أمريكا اللاتينية، وتكفي مقابلة أوباما الأخيرة لمجلة أتلانتيك والتي أكّدت على صوابية الموقف الروسي والسوري من الحدث السوري، فثورة النفط الصخري الأمريكي جعلت أمريكا تتحرّر من عقدة النفط العربي، وقد يتطور حال تموضعها الحالي في المنطقة الى انسحاب شبه كامل، خاصة بعد سحب أسطولها الخامس من البحرين وحلول قاعدة عسكرية بريطانية مكانه، في مواجهة القاعدة الفرنسية في الأمارات.
ويا لسخرية القدر بعض العرب الآن يستبدلون حليفاً بآخر.
فحلّ الإسرائيلي الصهيوني مكان الأمريكي المتصهين، وصار الصراع عربي ايراني بدلاً من عربي اسرائيلي، حال البعض منّا ليس أسوأ من معظم علماء الأركولوجيا المنوطة بهم مهمة دراسة آثار المجتمعات الإنسانية الغابرة وتراثها الحضاري والثقافي، ولكن يبقى المغفّلون والسذّج منهم أقلّ ضرراً وخطراً من الأشقياء الدهاة المأجورين أو المتحيزين الذين يصنعون متاهات التاريخ والجغرافيا.
نعم العرب كثبان بشرية على غرار الكثبان الرملية تتقيأ المال مثلما تتقيأ الدم والطعام، وأمريكا صارت ضرورة شيطانية لبعض العرب، والغرب كان يعلم أنّ ذلك الوحش الأيديولوجي القاعدة وداعش يترعرع في دورتنا الدموية، وعملوا على برمجته إلى اللحظة المناسبة التي تدق فيها ساعة الانفجار، وعندما تبعثر السوريون الطبيعيون تبعثر العرب معهم، والأمريكان تسكنهم قعقعة المصالح بينما العرب تسكنهم قعقعة الغرائز، ولا أحد يستطيع أن يغسل تلك الخطيئة التي تدعى العرب، والخلاف بين العربان حول تقاسم الجثث والموتى فقط.
انّ بقاء ودور الرئيس الأسد يحدده الشعب العربي في سورية بالانتخابات وعبر صناديق الاقتراع، وهذا ما أكدت عليه صراحة نصوص ومضامين قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 مؤخراً، لكن بقاء الجيش العربي السوري العقائدي لا يقرره صندوق الانتخابات، ولا يقرره معارض هنا ومعارض هناك في دفئ العواصم الأوروبية أو بعض العربية وبغاياهما، بينما الجندي العربي السوري الذي رضع القومية العربية مع حليب أمه فهي اكسير حياته وحياة قطره، ينطلق من الوطني الخاص الى القومي والوطني العام، كجندي جيشنا العربي الأردني حيث عقيدته ما زالت سليمة ولم تتغير، ورضعها مع حليب أمه كشقيقه السوري والجزائري والمصري واللبناني وغيرهم، الجندي السوري القومي يقاتل الفواحش والدواعش والدوامس والنصرة، وما تسمى بأحرار الشام وجيش الإسلام وصعاليك جيش الفتح في كل الجغرافيا السورية، وهو لا يقاتل السابق ذكرهم من سلّة الإرهابيين الذين تم ادخالهم وعلى مدار سنوات من دول الجوار السوري مجتمعة ومنفردة لا ضير في ذلك، فهو لا يقاتلهم حول قصر المهاجرين، بل في كل الجغرافيا السورية ونيابةً عن العالم والإنسانية جمعاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليق على مقال بالصحيفة