شريط اخبار

حديد الصحيفة

الجمعة، 11 مارس 2016

تونس نقطة الضعف الفادحة في المعركة: غياب القيادة السياسية ؟ بقلم محسن النابتي




كل متابع لما تعيشه تونس هذه الايام يلاحظ بما لا يدع مجالا للشك ان الشعب و القوات المسلحة في واد و الطبقة السياسية سلطة و معارضة في واد اخر ،فحالة النهوض الشعبي و المتمثلة في الاستعداد الاسطوري للفداء و التضحية بكل شيء من اجل تونس و تجلى الامر بعد الثبات الرائع في المعركة في تشييع جثامين الشهداء حيث ان المشاهد و الشعارات و تصريحات اهالي الشهداء تذكرنا بالملاحم الخالدة التي عاشتها كثير من الشعوب و التي لا تتكرر كثيرا في التاريخ الانساني و في تاريخ الدول ...و الحقيقة و انا اتابع تذكرت مرحلة الثورة و خاصة بعد هروب بن علي حيث كنا حقيقة على اعتاب ثورة استثنائية في تاريخ الشعوب من خلال الالتفاف الشعبي و الاستعداد العالي للتضحية و الروح الوطنية الكبيرة و لكن للاسف غياب قيادة سياسية توجه ذلك الزخم و تديمه لتحقيق الاهداف الوطنية مكن القوى الرجعية و حلفائها الدوليين من الالتفاف على الامر برمته و هو اساس الانتكاسة في الثورة التونسية ،لانه كم من انصاف ثورات حولتها قيادات سياسية فذة الى ثورات استثنائية غيرت وجهة التاريخ .

ما نعيشه هذه الايام شبيه كثيرا بتلك المرحلة الشعب معبأ بشكل استثنائي و مستعد للتضحية و روح معنوية عالية تذكرنا بامجد مراحل الثورة الفلسطينية و ثورة المليون شهيد في الجزائر و في حرب السويس 1956 و بالحالة الشعبية في لبنان ابان حرب تموز 2006
و لكن الغايب في كل هذا هو القيادة السياسية القادرة على ادامة هذه الزخم و تطويره و توجيهه لتحقيق اقلاع وطني حقيقي ، فلا رئيس الحكومة يملك مواصفات الزعامة القادرة على ذلك هو اقرب للموظف المجتهد منه الى القيادة السياسية و رئيس الدولة لا يملك مواصفات تمكنه من ذلك لا فكرية و لا سياسية و لا بعد نظر استراتيجي و لا قرب من الناس و حتى محاولاته في تقليد شخصية الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة انكشفت و انتهت بعد صعوده للرئاسة ،والسيد محمد الناصر مع كامل الاحترام لشخصه لا اعتقد انه دار بخلده يوما ان يكون زعامة تاريخية للشعب التونسي كما ان راشد الغنوشي لا يمكن له ان يتجاوز قدرات زعيم جماعة هي في حد ذاتها نشاز و هي مهما فعلت تبقى جزء من ادوات العدوان على تونس باعتبار مرجعيتها الفكرية و السياسية و هو كشخص غير مؤهل لابعد من زعيم للنهضة و تاريخ الحركات الاخوانية لم يخلق زاعمة جامعة لعموم شعب في اي قطر من اقطار الوطن العربي دون ان ننسى ان حركته هي حركة يمينية محافظة و الثورات فما عرفنا تكون عكس ذلك تماما ...و القوى التقدمية مؤشرات ما يجري الان تقول انها لم تتعض من تجربة الثورة و لم تقرا ما حصل قراءة علمية و موضوعية و لا تريد ان تعترف انها هي نفسها كانت جزء من عملية الانتكاسة لانها مكنت للقوى الرجعية من الالتفاف على الزخم الشعبي و توجيهيه في غير الاهداف الوطنية و اليوم تقريبا يعاد نفس الامر بل و بأكثر حدة ...فكل متابع يقف على حقيقة ساطعة ان الشعب يتطلع الى زعامة فذة تعبر عما يخالجه من مشاعر وطنية و من استعداد نضالي ،الشعب يتطلع لقيادة تقول ما يجب ان يقال في مثل هذه الظروف ما يجب ان يقال في حق الشهداء و الحق الجرحى و حق المقاتلين في ساحات المنازلة شعب يريد قيادة تجعله يبكي و يضحك و يهتز طربا فينسى جراحه و فقره و فقدان الاحبة ،الشعب يتطلع الى قيادة واضحة واثقة تعرف ماذا يريد و ماذا تريد منه في مثل هذه المراحل ليلتف حولها متجاوزا احزابه و افكاره و طبقاته و فئاته الى رحاب الوطن ...و لكن الامر يبدوا صعب المنال و الامل يبقى معقود في هذه الحرب بالذات على القوات المسلحة و اعني بالقوات المسلحة الجيش و الحرس و الشرطة و كل الحاملين للسلاح دفاعا عن الوطن ان يستمر عطاؤهم و يستمر التحامهم بالشعب و بالشباب في المدارس و المعاهد و الجامعات و بالمواطنين في المدن و الارياف و اثناء المعارك لخلق معادلة استثنائية قوامها الشعب و القوات المسلحة تحافظ على زخم العطاء و الفداء ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليق على مقال بالصحيفة